إثيوبيا تنطلق من نقطة الصفر

رغم كونها من أولى الدول التي سطع نجمها على الساحة الكروية الأفريقية، إلا أن إثيوبيا فشلت في ترك بصمتها قارياً منذ مدة ليست بالقصيرة. فبعد فوزها بكأس الأمم الأفريقية 1962 CAF في النسخة الثالثة فقط وتحقيقها نتائج طيبة في الستينات، فشلت إثيوبيا في الوصول إلى نهائيات البطولة الأهم في القارة السمراء طيلة ثلاثة عقود تقريباً، واعتادت الصبر وانتظار الإنجازات مكرّسة جهودها لتطوير اللعبة أملاً في تحقيق المبتغى. وبعد أن أوقعتها القرعة في المجموعة الثانية القوية ضمن التصفيات المؤهلة إلى نسخة 2012 والتي تضم اثنين من المنتخبات المرشحة لنيل اللقب، نيجيريا وغينيا، يبدو أن إثيوبيا عاقدة العزم على تحقيق بعض المفاجآت والتأهل إلى النهائيات بعد غياب طويل. ومنذ أن استلم دفة التدريب في وقت سابق من العام الحالي، جلب اللاعب السابق إفيم "إفي" أونورا، الأسكتلندي المولد والمنحدر من إثيوبيا، مقاربة جديدة للمنتخب الوطني الإثيوبي تقوم على بذل الجهود وإعادة بناء الفريق من جديد. وقال المدرب الذي يبلغ الثالثة والأربعين من عمره للموقع الإعلامي لكرة القدم الأفريقية: "نركز جهودنا على التطوير. بدأنا من الأساسيات نظراً لكون الفريق لم يخض الكثير من المباريات، وكأن هذه بداية جديدة للجميع. لا يزال المشوار أمامنا طويلاً، ويمثل هذا تحدياً بالنسبة للبلاد ولي أيضاً. سيكون الطريق طويلاً وشاقاً حتى نصل إلى هدفنا."عودة إلى نقطة الصفر
تأكد أونورا بنفسه من هول المهمة الملقاة على عاتقة عندما سقط فريقه في سبتمبر/أيلول أمام جمهوره بأربعة أهداف مقابل هدف في إطار التصفيات التأهيلية على يد منتخب غيني واعد رغم أن صاحب الأرض كان السباق في افتتاح سجل التهديف. لكن الفوز خارج القواعد بهدف دون رد على مدغشقر في الشهر التالي هدّأ المخاوف قليلاً قبيل استئناف التصفيات التمهيدية السنة القادمة عندما يتجه "ظباء وايالا" لمواجهة نيجيريا في عقر دارها في مارس/آذار.وقال أونورا في إشارة إلى الهزيمة بهدفين لهدف هذا الأسبوع في المباراة الودية التي جمعت فريقه مع المنتخب الأوغندي صاحب لقب بطولة شرق ووسط أفريقيا: "حققنا بعض النتائج الطيبة وبعض النتائج غير الجيدة إلى حدٍّ ما، لكني أعتقد أن معظم المراقبين الحياديين يلاحظون أن الخط البياني لأداء الفريق يتجه نحو الأعلى. خسرنا تلك المباراة [مع أوغندا] لكننا استطعنا مجاراة الخصم نداً للند. كما توجه إلينا مدربهم بالمديح كثيراً وأثنى علينا. من شأن ذلك أن يمنحنا الثقة في مشوارنا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية. لقد أدركت أننا لسنا متأخرين جداً عن منتخبات كهذه، وهذا أمرٌ يشجعني كثيراً. يوجد في صفوف فريقي الكثير من اللاعبين الشبان الذين استهلوا للتو مشوارهم على صعيد كرة القدم العالمية."
اللاعبون الإثيوبيون جيدون جداً من الناحية الفنية. حيث يتعاملون مع الكرة بسلاسة ويتحلون بقدرات ذهنية وفنية جيدة. وإذا أرادوا تعزيز مكانة البلاد كروياً، عليهم أن يطوروا إمكانياتهم ويحسّنوا مهاراتهم الفردية.
إفيم أونورا




وعند الحديث عن فرص فريقه في المضي قُدماً في المنافسات، بدا أونورا واقعياً جداً، حيث قال: "نلعب في مجموعة قوية للغاية. يوجد دائماً في كل مشوار تصفيات مجموعة يُطلق عليها اسم ’مجموعة الموت‘ وأعتقد أننا نلعب فيها هذه المرة. حققنا نتيجة ممتازة في مدغشقر ولا زالت فرصنا جيدة. سنتجه إلى نيجيريا في مارس/آذار حيث نأمل أن نتمتع بالثقة في النفس ونقدم أداءاً جيداً."التحدي الإثيوبي
كان أونورا الذي مهاجماً مغموراً في دوريات الدرجات الدنيا الإنجليزية، إذ بدأ مشواره في عالم التدريب أواخر أيامه كلاعب عام 2004 واستغل فرصة دخول عالم كرة القدم الدولية. ورغم التحديات التي ينطوي عليها العمل في إثيوبيا، فإنه أظهر تصميماً في اكتشاف الموارد الكروية التي قال إنها موجودة في البلاد، موضحاً أن "اللاعبين الإثيوبيين جيدون جداً من الناحية الفنية. حيث يتعاملون مع الكرة بسلاسة ويتحلون بقدرات ذهنية وفنية جيدة. وإذا أرادوا تعزيز مكانة البلاد كروياً، عليهم أن يطوروا إمكانياتهم ويحسّنوا مهاراتهم الفردية."ومن العوامل التي تؤثر سلباً على تطوير المنتخب الوطني، عدم وجود عدد كبير من اللاعبين المحترفين في الخارج والذين من شأنهم أن يعودوا بفائدة كبيرة على المنتخب لما يجلبونه معهم من خبرة ومهارات. وتعتبر هذه معضلة يسعى أونورا لحلها مستفيداً من علاقاته في بريطانيا، حيث قال "إنه لأمرٌ عظيمٌ أن يتجه المزيد من اللاعبين الإثيوبيين للإحتراف في الخارج. إني متأكدٌ من أن بعض اللاعبين في البلاد يتمتعون بإمكانيات تؤهلهم للعب في الخارج، إلا أنه لم تسنح لهم الفرصة والظرف المناسبين لذلك. لدي علاقات جيدة وهو أمرٌ سأعمل عليه في الفترة المقبلة. لكن يجب أن نكون ضمن أفضل 70 مركزاً على قائمة التصنيف العالمي حتى يحصل لاعبونا على تصريح بالعمل. يشكل هذا تحدياً بالنسبة لنا إذا أردنا أن يحترف لاعبونا في الخارج ويكتسبوا هذه الخبرة الهامة." وقال أونورا أن إقامة ملعب بعشب اصطناعي بتمويل من "برنامج هدف" كان له أثرٌ إيجابيٌ أيضاً "لأن الطقس ممطرٌ جداً في أديس أبابا." قد يكون هذا تعليقاً غريباً من شخص وُلد في جلاسكو، لكنه ربما السبب الذي جعله يعود لموطنه في شرق أفريقيا الذي يقول أن له مكانة عزيزة في قلبه. وأضاف: "أحكمُ على البلد من دماثة خلق شعبه، وليس بناءاً على ما يملكه من ثروات. ولهذا فإن إثيوبيا تعتبر في طليعة البلدان بالنسبة لي. فشعبها ودودٌ ومحبٌ وقد أظهر ذلك تجاهي. أستمتع بهذا التحدي وأودّ أن أترك إرثاً في هذه البلاد يتجاوز حدود المنتخب الوطني."