تيوتيه يغزو القلوب في نيوكاسل

ما أن وصل شيخ إسماعيل تيوتيه إلى نيوكاسل ليخطو خطواته الأولى في الدوري الإنجليزي الممتاز حتى لفت الانتباه وأصبح محط أنظار الكبار قبل الصغار. فلاعب خط الوسط المدافع الإيفواري الصلب لم يتحول فقط في أول موسم له إلى لبنة أساسية في فريق المدير الفني كريس هيوتون، بل إن هذا الأخير ذهب أيضاً إلى أن قدراته وإمكانياته لا تقل عن قدرات وإمكانيات نجم تشيلسي ومنتخب غانا مايكل إسيان.
ولا يختلف معه في ذلك المدرب المخضرم سفين جوران إريكسون، الذي قال مؤخراً إن تيوتيه كان رائعاً لدرجة أنه كان يستطيع الانضمام لأي نادٍ يشاء في العالم. وهي شهادة عظيمة من المدرب السابق للاعب الدولي البالغ من العمر 24 عاماً، ولكن هناك نجم آخر أيضاً من أكبر نجوم القارة السمراء يؤيد ذلك ويزيد في الثناء على زميله في المنتخب، هو ديدييه دروجبا.
فعقب وقوف تيوتيه سداً منيعاً أمام هجوم تشيلسي المتفاخر في المباراة الأخيرة التي انتهت بتعادل الفريقين 1 – 1 قال المهاجم الكبير: "أعتقد أن شيخ سيواصل المسيرة وسيكون واحداً من أقوى اللاعبين في هذا الدوري. إن نيوكاسل يضم الآن بين صفوفه نجماً متألقاً بحق". ورغم وقوفهما الآن في الدوري الإنجليزي موقف الخصمين المتنافسين، فإن دروجبا لم يتردد في التنبؤ لمواطنه بمزيد من التألق والنجاح: "أعتقد أن المشجعين لم يروا حتى الآن إلا نصف إمكانياته. أنتم لم تروا إلا نصف لاعب، ولكن مع استمرار شيخ في اللعب بمستوى الدوري الإنجليزي سيتحسن ويكون أفضل من ذلك أيضاً".
إنه مزيج مثالي من الإطراء والتشجيع والتواضع والجدية في العمل ذلك الذي يفتح أبواب النجاح أمام ابن مدينة ياموسوكرو. وبينما امتدح إريكسون التركيز الشديد الذي يؤدي به في كل مرة يطأ فيها أرض التدريب، قال تيوتيه في حديثه مع أفريكان فوتبول ميديا إن استقرار المستوى هو أهم شيء بالنسبة له، حتى رغم تقديره الشديد للحفاوة التي لقيها في نيوكاسل في البداية. حيث يقول: "إن النجاح الذي حققته حتى الآن هو العالم بما فيه بالنسبة لي. والركيزة الأساسية البسيطة التي قام عليها هذا النجاح هي الاجتهاد في التدريب والاجتهاد في اللعب وفعل ما يجب عليّ فعله. قد يبدو ذلك بسيطاً، وهو بالفعل بسيط إلى حد ما، ولكني لم أغير طريقة لعبي وكل ما أفعله هو التدرب بكل جد واجتهاد كل يوم لكي أصل إلى أفضل مستوى ممكن لي كلاعب".
وهو يشير إلى أن كل ما حدث هو أنه تأثر بالمودة والألفة التي لقيها في النادي وبمشجعي تاينسايد الأسطوريين، فيقول: "كان كل زملائي الجدد في الفريق رائعين والمدير أيضاً لديه إيمان شديد بقدراتي، وذلك يمنحني الثقة. والملعب هائل وكذلك المشجعون، ولذلك فإن اجتماع كل تلك العوامل معاً يؤدي إلى أن يكون شيخ تيوتيه في أفضل حال. أريد الناس في نيوكاسل أن يروا شيخ تيوتيه كلاعب يؤدي بنسبة 100% من أجل الفريق. لا يجب أبداً التسليم بالأمور مسبقاً، ولذلك يجب مواصلة العمل والاحتكام للعقل وتحسين الأداء".
جيل جديد من الأفيال
ليست هذه الحفاوة وهذا التقدير بشيء غريب على نجم نيوكاسل الجديد؛ فقد كان تيوتيه موضع إعجاب في إنشيده أيضاً، عندما ساعد فريقه السابق تفينتي في الموسم الماضي ليفوز بلقب الدوري الهولندي الممتاز لأول مرة في تاريخه.
لقد بدأ تيوتيه رحلته مع الأندية الأوروبية في بلجيكا، في صفوف نادي أندرلخت، ثم قضى سنتين في تفينتي تحت قيادة الإنجليزي ستيف مكلارين، قبل أن ينتقل هذا الصيف إلى نيوكاسل – العائد مؤخراً لدوري الأضواء – مقابل حوالي 5.5 ملايين دولار أمريكي. ورغم أنه أضاع بذلك فرصة اللعب في دوري الأبطال، فإنه يقول إن فرصة الانتقال إلى إنجلترا كانت فرصة لا يمكن تفويتها.
وهو يوضح قائلاً: "لم يكن قراراً صعباً، فقد نظرت لذلك باعتباره خطوة للارتقاء لمستوى أفضل، هو مستوى الدوري الإنجليزي الممتاز. نحن نلعب ضد فرق مثل أرسنال وتشيلسي، وقد هزمنا الأول وتعادلنا مع الثاني، وذلك شيء رائع حقاً. كان شيئاً عظيماً أن أفوز بالبطولة مع تفينتي، ولكن لا شك أن قدومي إلى نيوكاسل هو خطوة إلى الأمام. إن مجرد اللعب هنا هو إنجاز بالنسبة لي".
ولا شك أن معنويات اللاعب الإيفواري الدولي قد ارتفعت بهذه الخطوة الإيجابية والاستقبال الحافل الذي لقيه في إنجلترا فور وصوله، بعد خيبة الأمل التي أصابته ورفاقه في منتخب بلاده بالخروج من دور المجموعات في كأس العالم 2010 FIFA، الذي لعب كل دقيقة فيه مع المنتخب. ولكنه رغم ذلك الخروج المبكر لفريقه الذي كان يُنتظر منه الكثير لا يلقي باللوم على وقوعهم في "مجموعة الموت" مع البرازيل والبرتغال وكوريا الشمالية، حيث يقول : "صحيح، مجموعة الموت – وإن لم نكن نفكر في الأمر بهذه الطريقة. فأياً كانت الفرق التي نقع معها، يجب علينا أن نواجهها. كل ما في الأمر أننا لم نوفق في جنوب أفريقيا، ولكن هذا لا ينفي خيبة الأمل التي شعر بها الفريق كله لعدم التقدم أكثر في المسابقة".
لقد لعب تيوتيه أولى مبارياته الدولية مع المنتخب منذ 18 شهراً فقط، ولكنه تمكن من تثبيت قدميه وأصبح ينظر لمستقبل مشرق مع الأفيال. وهو يقول إن روح الفشل لن تجد طريقها للفريق حتى وإن كان المراقبون يبدون قلقهم إزاء "الجيل الذهبي" الذي تناهز أعمار لاعبيه الثلاثين عاماً وأوشك على إنهاء مسيرته دون أن يحصل على أية جوائز، حيث يؤكد: "يمكننا أن نبقى قوة كبرى في كرة القدم الأفريقية. لدينا نواة فريق ممتاز يضم لاعبين من أعلى المستويات ولاعبين أصغر سناً مثل جيرفينيو لاعب ليل [23 عاماً]، فهو لاعب جيد حقاً، وهناك سيدو دومبيا لاعب سيسكا موسكو [22 عاماً]، إنه مهاجم ينتظره مستقبل مشرق أيضاً".